18 ديسمبر 2024:
شارك مجلسُ الإمارات للإفتاء الشرعي في الندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء المصرية، التي انعقدت بمناسبة اليوم العالمي للفتوى تحت عنوان "الفتوى وتحقيق الأمن الفكري" مؤخرًا، في العاصمة المصرية، القاهرة. وذلك تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، ترسيخاً لمبادئ الوسطية والاعتدال وتحقيق الأمن الفكري وتعزيز السلم العالمي.
وسلطت الندوةُ الضوءَ على الدعائم الأساسية اللازمة لضمان الأمن الفكري وبيان دور الفتوى في إرساء هذه الدعائم، بما يساهم في حماية الأفكار والعقائد. وأكدت على ضرورة حماية الأمن الفكري من التحديات التي تواجهه، وتهدّد الهويةَ الثقافية والدينية للمجتمعات، مثل انتشار الفكر المتطرف والآثار الثقافية الضارة، إضافة إلى إيضاح دور الفتوى والمؤسسات الإفتائية في مواجهة هذه التحديات من خلال إصدار فتاوى معتدلة تُحصِّنُ المجتمعَ.
وتناولت الندوةُ أيضاً أهميةَ صون البنيان العقائدي والفكري للمجتمع من الأفكار الدخيلة التي قد تؤثر عليه سلباً. وناقشت أثرَ الشذوذ العقَدي في الفتوى على الأمن الفكري للمجتمعات، حيث يمكن أن تساهَم الفتاوى المغلوطة في نشر أفكارٍ تُضعفُ استقرارَ الفكر المجتمعي وتوجهاته السليمة.
وأعربت سعادةُ الدكتورة ماريا محمد الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، خلال كلمتها في الجلسة الافتتاحية عن سعادتها بالمشاركة في هذا الحدث البارز، مقدّمةً شكرَها للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم على جهودها الحثيثة لإنجاح هذه الندوة. وقالت: "يشهد عصرُنا الحالي تحدياتٍ جسيمةً تعترض طريقَ الفتوى والأمن الفكري، حيث تواجه الأجيالُ الحاليةُ مخاطرَ متعددةً، في مقدمتها العوالمُ الافتراضيةُ المفتوحةُ ووسائلُ التواصل الاجتماعي التي أدت إلى بروز ظواهر مثل: ’ الإفتاء الافتراضي‘و ’ السيالإفتائية‘ و ’الصراع الإفتائي‘، مما أثَّر سلباً على الهُوية الوطنية للفتوى الشرعية الرصينة، وأضرَّ بتقاليدها الراسخة، وحوَّلها إلى أداة لهدم المجتمعات والقيم الأخلاقية بدلاً من أن تكون أداة للبناء وتحقيق الأمن الفكري والعدل والاستقرار الاجتماعي".
وأضافت سعادتُها: "إن العمل على بناء الوعي الإفتائي المتبصِّر ضرورةٌ ملحةٌ لتحقيق الأمن الفكري في عصر التقنية والذكاء الاصطناعي، الذي يتطلب منا فهمَ طبيعة التساؤلات التي تطرحها الأجيالُ الجديدةُ، فمواجهةُ هذه التحدياتِ واجبٌ وطني وديني يقتضي منا تقديمَ إجاباتٍ شافيةٍ لهذه التساؤلات، وإلا أسهم الفراغُ الفكري في تمكين الجماعات المتطرفة من استغلال هذه الحاجة لنشر أفكارها السامة".
وأكدت الدكتورة الهطالي أن الأمن الفكري يقوم على خمس ركائزَ أساسيةٍ، وهي العدالة والتعليم والإعلام والانتماء للوطن ووعي المجتمع بقيمه الأخلاقية، حيث تلعب الفتوى دوراً محورياً في تشكيل هذا الوعي. واستعرضت تجربةَ دولةِ الإمارات في مجال الفتوى، وأهميةَ مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي برئاسة معالي الشيخ عبد الله بن بيه في هذا السياق. واختتمت كلمتَها بدعوة الحضور إلى التعاون من أجل وضع خطة شاملة للتصدي لتحديات الأمن الفكري، مُعربةً عن أملها في الوصول إلى نتائجَ ملموسةٍ من خلال هذه الندوة.
وفي ختام الندوة، استعرض فضيلةُ الدكتور نظير عيّاد، مفتي الجمهورية ورئيسُ الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم عدداً من التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ التي خلص |ليها السادةُ العلماء والباحثون المشاركون، بما في ذلك دعوةُ المسلمين في كل مكان إلى التمسك بأوطانهم وحبهم لها، وتعزيزُ دور المرأة في الإفتاء عبر تأهيلها للمشاركة في قضايا المجتمع، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة حماية الأمن الفكري والتصدي للفتاوى العشوائية لصون الكيان العقدي والفكري للمجتمع وتعزيز التعايش السلمي والقيم الإنسانية المشتركة، فضلاً عن التنويه بأهمية بناء جسورِ التفاهم والتعاون بين القائمين على صناعة الفتوى في العالم لمكافحة الفكر المتطرف ونشر الاعتدال وتعزيز الوحدة الإسلامية.
وتأتي مشاركةُ مجلسِ الإمارات للإفتاء الشرعي في هذه الندوة في إطار سعيه المستمر إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات الإفتائية العالمية، وتشجيعِ تبادل الخبرات في مجال الفتوى والبحث العلمي في العلوم الشرعية، بما يتماشى مع رسالة المجلس التي تضمنُ توفيرَ إفتاءٍ شرعيٍ معتدل، يحظى بالثقة على مستوى العالم.